إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 16 أغسطس 2018

الحج وعرفة والأضحية

الحج وعرفة والأضحية
منقولة ومهذبة ومزيدة
الحمدُ للهِ العَليِّ الكَبيرِ، الجليلِ العظيمِ، الذي منَّ على المؤمنينَ بدِينِه القَويمِ، دِينًا يُهذِّبُ نُفوسَهُم، ويُجَمِّلُ أخلاقَهُم، ويُزيِّنُ تَعامُلَهُم، ويُصلِحُ ما تَنطِق به ألْسِنَتُهُم، وما تفْعَلُهُ جَوارِحُهُم، فله الحمدُ.
والصلاةُ والسلامُ على عبدِهِ ورسولِهِ محمدِ، أَحسنِ الناسِ مَنطِقًا، وأتَمِّهِمْ خُلُقًا، وأفضَلِهِم طَبْعًا، وأَجملِهِمْ تَعامُلًا، وأزْكَاهُم حَالًا، وعلى أله وصحبه، أمَّا بعدُ:
أيها المسلمونَ: اتقوا اللهَ ربَّكُم حقَّ التقوَى؛ فإنَّ تقوى اللهِ خيرُ لِباسٍ لكُم وزَادٍ، وأفضلُ وسيلةٍ إلى رِضَا رَبِّ العِبادِ، فقدْ قالَ اللهُ -تعالى- مُبشِّرًا لكُم ومُسْعِدًا: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)[الطَّلَاقِ: 2-3].
أيها المسلمونَ: بَقِيَ مِن عَشْرِكُمْ أَيامٌ قَليلةٌ، مِنهَا يَومٌ فَاضلٌ عَظِيمٌ مِن أَفضَلِ أَيامِ السَّنةِ، أَكمَلَ اللهُ فيهِ المِلَّةَ، وأَتمَّ بهِ النِّعمَةَ، إنَّكُم مُقبِلونَ عَن قَريبٍ على يَومِ عَرَفَةَ، وما أدْرَاكُمْ مَا يَومُ عَرفةَ، إنَّه يومُ الرُّكنِ الأكبرِ لِحجِّ الحُجَّاجِ، ويومُ تَكفيرِ السيئاتِ، والعِتقِ من النَّارِ، اليومُ الذي خَصَّهُ اللهُ بالأجرِ الكَبيرِ والثَّوابِ العَظيمِ، اجتماعٌ عظيمٌ لتعظيمِ اللهِ -تعالَى- وذِكْرِهِ وشُكرِهِ وعِبَادتِهِ.
يَومُ عَرفةَ، يَومٌ يَجتمِعُ فيهِ الحَجِيجُ علَى صَعيدِ عَرفَاتٍ في أَكبرِ تَجمُّعٍ سَنويٍّ دَورِيٍّ للمُسلِمينَ في العَالَمِ؛ إِذ لا يُمكِنُ للمُسلِمِينَ أَبدًا أَن يَجتمِعُوا ويَحتشِدُوا بهَذا العَددِ في وَقتٍ وَاحدٍ وفي مَكانٍ وَاحدٍ يُلبُّونَ تَلبِيةً وَاحدةً ويَلبسُونَ ثِيابًا وَاحدةً إلا علَى صَعيدِ عَرفاتٍ.
عبادَ اللهِ: عظموا عشركم ومنها يوم عرفة، ومن تعظيمه:
التَّفرُّغُ التامُّ للعبادةِ في هذا اليومِ.
ثانيًا: صِيامُ هذا اليومِ؛ فقدْ خَصَّهُ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمزيدِ عنايةٍ؛ حَيثُ خصَّهُ مِنْ بينِ أَيامِ العَشرِ، وبيَّنَ ما تَرتَّبَ على صِيامهِ مِنَ الفضلِ العَظِيمِ؛ فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ” (رواهُ مُسلمٌ).
والحذرَ الحذرَ مِنَ التَّفرِيطِ في صِيامِ هذا اليَومِ، فإنَّ صِيامَهُ سُنَّةٌ مُؤكَّدةٌ، يُكفِّرُ اللهُ فيهِ السِّيئاتِ، ويَرفعُ اللهُ بهِ الدَّرَجاتِ، ويَنبغِي حَثُّ الأهلِ والأولادِ على صِيامِ هذا اليَومِ وإدْرَاكِهِ.
ومِنهَا: الإِكثارُ منَ التَّهلِيلِ والتَّسبِيحِ والاستِغفَارِ في هذا اليومِ العَظِيمِ؛ فعنِ ابنِ عُمرَ -رضيَ اللهُ عنهما- قالَ: “كنَّا معَ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غَدَاةِ عَرَفةَ، فمِنَّا المُكَبِّرُ ومِنَّا المُهَلِّلُ” (رواهُ مُسلمٌ).
ومِنهَا: التَّكبِيرُ، حيثُ يَبدأُ التَّكبِيرُ المُقيَّدُ لغَيرِ الحَاجِّ عَقِبَ صَلاةِ الفَجرِ مِنْ هذا اليومِ إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشرِيقِ، وأما التكبير المطلَق فَلا يَزالُ مِن أَولِّ الشَّهرِ مُستمِرًّا حتى مغيب شمس الثالثِ عشر.
هذا وللدُّعَاءِ في يَومِ عَرفةَ مَزِيَّةٌ علَى غَيرِهِ، فإنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: “خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ” (رواهُ التِّرمِذيُّ). ولْيَحرِصِ المُسلِمُ على الدُّعاءِ في هذَا اليومِ العَظِيمِ اغتنامًا لفِضلِهِ ورَجاءً للإجابةِ والقَبُولِ، وأنْ يَدعوَ لنفسِهِ ووالِدَيْهِ وأَهلِهِ وللإِسلامِ والمسلِمِينَ. وكم من دعوة تقبلها الله في ذلك اليوم العظيم من أيام الله ونفحاته وهباته ورحماته.
ومِنهَا: الإكثارُ مِنْ شهادةِ التوحيدِ في هذا اليومِ: فإنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: “خيرُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفة، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (رواهُ التِّرمِذيُّ).
عبادَ اللهِ: إنَّ تَقرِيبَ القَرِابِينِ وذَبحَ الأَضَاحِي للهِ -عزَّ وجَلَّ- شَعِيرةٌ مِن الشَّعَائِرِ القَدِيمةِ، وعِبادَةٌ مِن العِبادَاتِ الأُولَى للبشر، لهذَا لَمْ تَخْلُ منها شَرِيعةٌ مِن الشَّرَائعِ الإِلهيَّةِ في وقتٍ مِن الأَوقاتِ، وقَارِئُ القُرآنِ يُدرِكُ قِدَمَ هذهِ العِبَادةِ في قَولِهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا)[الْمَائِدَةِ: 27]، وقولِه -تعالى-: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)[الْحَجِّ: 34].
أيها المؤمنونَ: شُرِعَتِ الأُضحِيةُ في السَّنةِ الثَّانيةِ للهِجرَةِ، وكانَ يُدَاوِمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علَى فِعلِ الأُضحِيةِ، وقد استَمرَّ على ذَلكَ عشرَ سِنينَ مُنذُ أنْ قَدِمَ المدينةَ.
وهذِهِ العِبادةُ تَأتِي شُكرًا للهِ على نِعَمه، وإحياءً لسُنَّةِ إبراهيمَ الخليلِ، وتذكيرًا للمُسلمِ بصَبرِ إبراهيمَ وإسماعيلَ، وإيثَارِهِمَا طَاعةَ اللهِ ومحبَّتِهِ على محبَّةِ الوالدِ والوَلدِ، كمَا وتَأتِي تَوسِعةً على النَّفسِ وأَهلِ البيتِ، ونَفعًا للفَقِيرِ، وأَجرًا لِمَنْ تَصدَّقَ بهَا.
قال ابنُ بازٍ -رحمهُ اللهُ-: “الأُضحِيةُ سُنةٌ مُؤكَّدةٌ، تُشرَعُ للرجلِ والمرأةِ، وتُجزئُ عَنِ الرَّجلِ وأهلِ بَيتِهِ، وعنِ المرأةِ وأهلِ بيتِهَا؛ لأنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانَ يُضَحِّي كلَّ سَنَةٍ بكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، أحدُهُمَا عَنه وعنْ أهلِ بيتِهِ، والثَّانِي عَمَّنْ وَحَّدَ اللهَ مِن أُمَّتِهِ“.
 وعلَى المُسلِمِ أنْ يَعتَنِيَ باختِيارِ الأُضحِيَةِ، وكلَّمَا كانتِ الأضحيةُ أَكْمَلَ في ذَاتِهَا وصِفَاتِهَا وأحسنَ مَنظَرًا وأغْلَى ثَمنًا فهِي أَحَبُّ إلى اللهِ وأعظمُ لأجرِ صَاحِبِهَا، قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ: “والأجرُ في الأُضحيةِ على قَدْرِ القِيمَةِ مُطْلقًا” اهـ.
ولقدْ كانَ المسلمونَ في عَهدِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُغَالُونَ في الهَدْيِ والأضَاحِي، ويختارونَ السَّمِينَ الحَسَنَ، قالَ أَبو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ: “كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضْحِيةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ“. (رواهُ البخاريُّ مُعَلَّقًا).
عبادَ اللهِ: بيَّنَ سُبحانه الحكمةَ مِن ذَبحِ الأضَاحِي والهَدايَا بقولِهِ: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)[الْحَجِّ: 37]، قال السَّعدِيُّ -رحمهُ اللهُ-: “ليسَ المقصودُ منها ذَبْحَهَا فَقَطُ. ولا يَنالُ اللهَ مِن لُحُومِهَا ولا دِمائِهَا شَيءٌ؛ لِكونِهِ الغَنيَّ الحميدَ، وإنَّما يَنالُهُ الإخلاصُ فيهَا، والاحتِسَابُ، والنِّيَّةُ الصَّالِحةُ، ولهَذا قالَ: (وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ)[الْحَجِّ: 37]، ففي هذا حَثٌّ وتَرغِيبٌ على الإِخلاصِ في النَّحْرِ، وأنْ يكُونَ القَصدُ وَجهَ اللهِ وحْدَهُ، لا فَخرًا ولا رِياءً، ولا سُمعَةً، ولا مُجرَّدَ عَادةٍ، وهكَذا سَائِرُ العِباداتِ إنْ لم يَقتَرِنْ بها الإِخلاصُ وتَقوى اللهِ، كانتْ كالقُشُورِ الذي لا لُبَّ فيهِ، والجَسَدِ الذي لا رُوحَ فيهِ“. اهـ.
ومِنْ أَهمِّ مَقاصدِ الأضحيةِ -أيها المؤمنونَ- تَوحيدُ اللهِ -سُبحانهُ وتعالَى-، وإخلاصُ العبادةِ لهُ وحدَهُ؛ وذلكَ بذِكْرِهِ وتكبِيرهِ عندَ الذَّبحِ، قالَ تعالَى عنِ الأضاحِي: (كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ)[الْحَجِّ: 37].
وإِلى الذِينَ عَجَزوا عَن شِرَاءِ الأُضحيةِ، نَقُولُ لَهُم: هَنِيئًا لكُمُ البُشْرى؛ فقَدْ ضَحَّى عنكُم رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ضَحَّى عَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِن أُمَّتِهِ، فإنَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما قَضَى خُطبَتَه ونَزَلَ مِن مِنْبَرِه أُتِيَ بِكَبْشٍ فذَبَحَهُ بيدِهِ، وقالَ: “بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي“.
نَسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أن يُوفِّقَنَا وإيَّاكُم لتعظِيمِ شَرَائعِه وشَعَائِرِه، وأَن يجْعَلَنَا مِنَ المؤمِنِينَ المُخْبِتِينَ المسلمينَ التَّائِبِينَ العَابِدِينَ القَانِتِينَ.
أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم فاستغفرُوه، إنَّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
........
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ… أما بَعدُ:
أيها المؤمنونَ: اتقوا الله تعالى واعلموا أن من أعظم أعمال العشر حج بيت الله العتيق، وهو الركن المكمل للإسلام فمن مات ولم يحج فرضه مع قدرته فذنبه عظيم، أما متابعة الحج فهي من تعظيم شعائر الله وهي من أعظم أسباب غفران الذنوب، فالسعيد من كان لله حاجًا مقبولًا.
واعلموا أن أعمال الحج تكون على ثلاثة أقسام : ( الأول ) أركان لا يصح الحج أو لا يتم إلا بها: وهي ( الإحرامُ، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة).
 (الثاني ) واجباتٌ، وهي: ( الإحرام من الميقات، والوقوف بعرفة إلى غروب الشمس لمن وقف نهاراً ، والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل لمن وافاها قبل ذلك ، ورمي الجمار ، والحلق ، أو التقصير، والمبيت بمنى لياليَ أيام التشريق لمن استطاع ، وطوافُ الوداع على غير الحائض والنفساء).
 (الثالث) مستحبات وهي : ما عدا هذه الأركانِ والواجبات ، فمن ترك ركناً من أركان الحج فإن كان الإحرامُ أو الوقوفُ بعرفة لم يصحَّ حجُّه ، وإن كان غيرهما لم يتم الحجُّ إلا به. ومن ترك واجباً فعليه دم ، ومن ترك سنة فلا شيء عليه.
واعلموا أن آخِر هذِه العَشْرِ الفَاضلَةِ، هوَ أَعظمُ الأيَّامِ عِندَ اللهِ، عِيدُ الأَضحَى فهو أَفضَلُ الأيامِ على الإطلاقِ، كمَا صحَّ عنهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قَالَ: “إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ” (رواه الإمامُ أَحمدُ.
والفَرَحُ فِيهِ مِنْ مَحَاسِنِ هذَا الدِّينِ وشَرَائِعِهِ؛ فعَنْ أَنسٍ -رِضيَ اللهُ عَنهُ- قالَ: قَدِمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأهلِ المَدِينةِ يَومَانِ يَلعَبُونَ فِيهمَا في الجَاهِليةِ، فقالَ: “قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ وَلَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ يَوْمَيْنِ خَيْرًا مِنْهُمَا، يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ” (رواهُ أحمدُ، وأبو داودَ، والنسائيُّ).
ويُسَنُّ الإِمسَاكُ عَنِ الأَكلِ في عِيدِ الأَضحَى حتى يُصلِّيَ، لِيأكُلَ منْ أُضحِيَتِهِ. بخلافِ عِيدِ الفِطرِ.
ويشرعُ للمُسلمِ التَّجَمُّلُ في العيدِ بلُبسِ الحَسَنِ مِنَ الثيابِ والتطيُّبِ.
ويُستَحَبُّ لهُ الخروجُ مَاشيًا إنْ تَيسَّرَ، ويُكثِرُ مِنَ التَّكبِيرِ حتى يَحضُرَ الإمامُ، ويَرجِعُ مِنْ طَريقٍ آخَرَ. هكَذا كانَ يَفعَلُ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ومِن أَعظَمِ شَعائِرِ الإِسلامِ في هذا اليومِ، أَداءُ صَلاةِ العِيدِ، وقَد صَلاَّهَا النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودَاوَمَ علَى فِعلِهَا هو وأَصحَابُهُ والمسلمونَ.
وكَذا الجُلُوسُ لِسمَاعِ خُطبَةِ العِيدِ، وعَدمُ الانِشغالِ عَنها بشيءٍ كالتهنِئةِ أَو رَسائِلِ الهَاتِفِ الجَوَّالِ أَو غَيرِ ذَلكَ.
تَقبَّلَ اللهُ مِن الجَميعِ صَالحَ العَملِ وأعَانَ ويَسَّرَ الفَوزَ بهذِه الأيامِ المبَاركَةِ.
هذَا وصَلُّوا وسلِّموا -رحِمَكمُ اللهُ- على النبيِّ المصطفَى، والحبيبِ المُجتَبَى، كما أمرَكُم بذلكَ ربُّكم -جلَّ وعلا-، فقالَ تعالى قولًا كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ صلَّى عليَّ صَلاةً صلَّى اللهُ عليهِ بِهَا عَشْرًا“.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق