إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 26 يناير 2020

مراقبة الله تعالى


مراقبة الله تعالى
منقولة بتصرف
الْحَمْدُ لِلَّهِ غَافِرِ الزَّلَّاتِ وَمُقِيلِ الْعَثَرَاتِ، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا، وَهُوَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ فِي الْوُجُودِ بِحَقٍّ سِوَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَمُصْطَفَاهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى حَقَّ تُقَاتِهِ وَاسْتَشْعِرُوا دَائِمًا وَأَبَدًا مُرَاقَبَةَ اللَّهِ لَكُمْ، وَعَظِّمُوا اللَّهَ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَة: 281].
عِبَادَ اللَّهِ، نَحْنُ فِي زَمَنٍ تَكَاثَرَتْ فِيهِ الْفِتَنُ، وَتَنَوَّعَتْ عَبْرَ وَسَائِلَ مُخْتَلِفَةٍ؛ مِنْ شَاشَاتٍ وَجَوَّالَاتٍ فِيهَا بَرَامِجُ مُتَجَدِّدَةٌ، مِنْ خِلَالِهَا قَدْ يَصِلُ الْوَاحِدُ إِلَى الْمُنْكَرِ وَهُوَ فِي قَعْرِ بَيْتِهِ دُونَ رَقِيبٍ وَلَا حَسِيبٍ، وَأَصْبَحَ الْعَاقِلُ لَا يَكَادُ يُصَدِّقُ مَا يَسْمَعُ وَيَرَى مِنْ مُنْكَرَاتٍ مُنْتَشِرَةٍ عَبْرَ هَذِهِ الْجَوَّالَاتِ الَّتِي بِيَدِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
فيا أيها المؤمنون. اتقوا اللهَ تعالى في السِّرِّ والعلنِ والغيبِ والشهادةِ ،فإن ربَّكم العليمَ الخبيرَ لا يعزبُ عنه مثقالُ ذرةٍ في السماواتِ ولا في الأرضِ ولا أصغرُ من ذلك ولا أكبرُ، يحاسبُكم تعالى ذكرُه على النَّقيرِِ والقِطميرِ والقليلِ والكثيرِ ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾،قال عز جنابه: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾
عبادَ اللهِ. إن اللهَ -جلَّ وعلا- أخبرَكم بأنه رقيبٌ على أعمالِكم، عالمٌ بما في نفوسِكم، لا تخفى عليه منكم خافيةٌ، فالسرُّ عنده علانيةٌ، أخبرَكم بذلك لتخافوه وتخشَوْه وتراقِبوه، فقال تقدَّست أسماؤُه:﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ﴾ ،وقال تعالى:﴿إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾
إنه الرقيب سبحانه، الذي لا فرق عنده بين الظاهر والباطن، ولا بين السر والعلانية، لا يخفى على سمعه شيء، ولا يغيب على بصره شيء.. قال سبحانه: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61].
فمن تكلم علمَ الله تعالى نطقَه، ومن سكت علم الله عز وجل فِكرَه، ومن أسرّ أحاط الله بسريرته، وعلم ما يجول في خاطره، ﴿ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الملك: 13].
عباد الرحمن: مراقبة الله في السر والعلن من أسمى مقامات الدين، وأعلى منازله؛ فهي تفسير لمعنى الإحسان الذي هو أعلى درجات الدين وأفضلُ منازل العبودية؛ بل هو حقيقتها ولبها وروحها وأساسها، وهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.. كما ثبت في حديث جبريل المشهور، حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم مَا الإِحْسَانُ؟ فقَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ». متفق عليه.
فهو الرقيبُ على الخَواطِرِ واللوا        حظِ كيفَ بالأفعالِ والأركانِ
عبادَ اللهِ، إن الواجبَ على من نَصَحَ نفسَه وأحبَّ نجاتَه أن يستحضِرَ ويتيقَّن اطِّلاعَ اللهِ على ظاهرِه وباطنِه، ولا شكَّ أن من اعتقدَ ذلك وتيقَّنه حملَه على خيرٍ كثيرٍ، ودفع عنه شرًّا عظيماً، فاللهُ -جلَّ وعلا- على كلِّ شيءٍ شهيدٌ؛ ولذلك فقد جعل َالنبيُّ صلى الله عليه وسلم مراقبةَ اللهِ- جل وعلا- وتيقُّنَ اطلاعِه على أحوالِ عبادِه من أعلى مقاماتِ الدِّينِ، فلما سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عن الإحسانِ قال: «أن تعبدَ اللهَ كأنَّك تراه، فإن لم تكنْ تراه فإنه يَراك» متفق عليه .
ومن عبَدَ اللهَ أيها المؤمنون مستَحضِراً قُربَه وأنه بين يديه كأنه يراه أوجبَ له ذلك خشيةً وخوفاً وهيبةً وتعظيماً للهِ ربِّ العالمين، كما أن تيقُّنَ اطلاعِ اللهِ على عبدِهِ يحمِلُ العبدَ على إحسانِ العبادةِ، وبذلِ الجهدِ في إتمامِها وتكْمِيلِها، وقد نبَّهَ إلى ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم في حثِّهِ صلى الله عليه وسلم المؤمنين على الخشُوعِ في الصَّلاةِ فقال صلى الله عليه وسلم: «إن أحدَكم إذا قامَ في صلاتِه فإنه يناجي ربَّه، أو إن ربَّه بينَه وبينَ القبلةِ» متفق عليه.
أيها المؤمنون. إن إيمانَ العبدِ بأن اللهَ يراه ويطَّلعُ على سرِّه وعلانيتِه وباطنِه وظاهرِه، وأنه لا يخفى عليه شيءٌ من أمرِه من أعظمِ أسبابِ تركِ المعاصي الظاهرةِ والباطنةِ؛ وإنما يسرِفُ الإنسانُ على نفسِه بالمعاصي والذنوبِ إذا غفلَ عن هذا الأمرِ؛ ولذلك قال اللهُ تعالى في بيانِ تهوُّكِ أهل النارِ في الذنوبِ والمعاصي:﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكم ظنُّكُم الذِي ظَنَنتم بِربِّكُم أَرْداكُم فَأَصْبَحْتُم من الخاسِرِين﴾ ،فمن قام في قلبِه أنه لا تخفى على اللهِ خافيةٌ، راقبَ ربَّه وحاسبَ نفسَه وتزوَّد لمَعادِه، واستوَى عنده السرُّ والإعلانُ؛ ولذلك كان من وصاياه صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ» رواه أحمد؛ أيْ: اتق الله في السِّرِّ والعلانيَةِ، حيث يراك الناسُ وحيثُ لا يرَوْنَك، فخشيةُ اللهِ تعالى في الغيبِ والشهادةِ من أعظمِ ما ينجِّي العبدَ في الدنيا والآخرةِ؛ ولذلك كانَ من دعاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أسألُك خشْيتَك في الغَيبِ والشهادةِ» رواه أحمد، وكان الإمام أحمدُ كثيراً ما ينشِدُ قولَ أبي العتاهية:
إذا ما خلوتَ الدهرَ يوماً فلا تقـلْ        خلــوتُ ولكن قلْ عليَّ رَقِيب
ولا تحسَبنَّ اللهَ يغفـــلُ ساعةً          ولا أنَّ مـا يَخفـى علـيه يَغِيب
فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ في السرِّ والعلنِ، وإياكم وانتهاكَ محارمِ اللهِ في الخلواتِ، فإن الرجل ليصيب الذنبَ في السرِّ فيصبحُ وعليه أثرُه ومذلَّتُه، ومن أعجبِ ما رُوي في هذا أن رجلاً كان يرابي في السرِّ، لا يعلم به أحدٌ، فمرَّ ذاتَ يومٍ بصبيانٍ يلعبون فقال بعضُهم لبعضٍ: جاء آكلُ الرِّبا! فنكسَ رأسَه، وقال في نفسِه: ربِّ أفشيت سِرِّي إلى الصبيانِ. فتابَ من ذنبِه، وجمعَ مالَه، وقال: ربِّ إني أسِيرٌ، وإني قد اشتريتُ نفسي منك بهذا المالِ فأعتِقْني، وتصدَّقَ بمالِه كلِّه واستقامَ سرُّه وإعلانُه، فمرَّ ذاتَ يومٍ بأولئك الصِّبيَةِ، فلما رأوه قال بعضُهم لبعضٍ: اسكتوا فقد جاءَ فلانٌ العابدُ، فبكى ذلك الرجلُ.
فسبحانَ من بنفحاتِ فضلِه اتَّسَعَت القُلوبُ للإيمانِ وانشَرَحَتْ، ومن بحُسنِ هدايتِه وتوفيقِه انجلت عن القلوبِ ظلماتُ الجهلِ وانقشَعَت، ونعوذُ به جلَّ وعلا من خزيِ الدُّنيا والآخرةِ. عِبَادَ اللَّهِ: تَأَمَّلُوا مَعِي أَيْضًا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ...»، إِذَا نَظَرْنَا إِلَى هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ نَجِدُ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمْ، وَالْوَصْفَ الَّذِي تَحَقَّقَ فِيهِمْ -عَلَى اخْتِلَافِ أَعْمَالِهِمْ-: هِيَ تَقْوَى اللَّهِ -جَلَّ وَعَلَا-، وَمُرَاقَبَتُهُ فِي خَلَوَاتِهِمْ.
إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلَا تَقُلْ    خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ: عَلَيَّ رَقِيبُ
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ يَغْفُلُ سَاعَةً     وَلَا أَنَّ مَا تُخْفِيهِ عَنْهُ يَغِيبُ
لَهَوْنَا عَنِ الْأَيَّامِ حَتَّى تَتَابَعَتْ    ذُنُوبٌ عَلَى آثَارِهِنَّ ذُنُوبُ
فَيَا لَيْتَ أَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ مَا مَضَى    وَيَأْذَنُ فِي تَوْبَاتِنَا فَنَتُوبُ
بارك الله لي ولكم..

الخطبة الثانية
الحمد لله... أما بعد.
فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، واخْشَوْه في الغيبِ والشهادةِ، فإن اللهَ قد أعدَّ لمن راقبَهُ وخَشِيَه أجْراً عظيماً، فقال سبحانه:﴿جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾، وخَصَّ من خَشِيَه في الغَيْبِ والسِّرِّ، فقال:﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرحمنَ بالغَيبِ وَجاءَ بقلْبٍ مُنيبٍ * اُدْخُلوها بِسَلامٍ ذلك يومُ الخُلُودِ * لهُمْ ما يَشَاؤُونَ فِيهَا﴾.
أما أولئك الذين خفَّ قدرُ اللهِ في قلوبهم وضعُفَ يقينُهم وإيمانُهم فسارعوا في ارتكابِ الموبقاتِ، والتورُّطِ في الذنوبِ والمعاصي في أوقاتِ الخلواتِ، ولم يَرعَوْا حقَّ ربِّ الأرضِ والسماواتِ فإن الله تعالى يقول: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾
عباد الله: استمِعوا إلى هذا الحديثِ العظيمِ عند ابنِ ماجه بسندٍ جيدٍ من حديثِ ثوبانَ  رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لأعلَمَنَّ أقواماً من أُمَّتي يأتون يومَ القيامةِ بحَسَنَاتٍ أمثالِ جبالِ تهامةَ بيضاً، فيجعلُها الله- عز وجل- هباءً منثوراً» قال ثوبان: يا رسولَ الله صِفْهم لنا، جَلِّهم لنا ألا نكونَ منهم ونحن لا نعلم!! قال: «أما إنهم إخوانُكم ومن جِلْدَتِكم ويأخُذُون من الليلِ ما تأخُذُون، ولكنهم أقوامٌ إذا خلَوْا بمحارمِ اللهِ انتهكوها» . وليس معنى هذا التشجيع على المجاهرة بالمعصية؛ لأن المجاهرة أعظم إثمًا وأشد جرمًا، قال -صلى الله عليه وسلم-: “كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ الله عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ الله عَنْهُ“(متفق عليه).
عِبَادَ اللَّهِ، لَا يَزَالُ الْإِنْسَانُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا يَقَعُ مِنْهُ الْخَطَأُ وَالصَّوَابُ، مَرَّةً يُحْسِنُ وَمَرَّةً يُسِيءُ، حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- فَيَجِدُ مَا عَمِلَ حَاضِرًا ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 49]، فَتُعْرَضُ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَعْمَالُ فَلَا تَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهَا خَافِيَةٌ، وَفِي يَوْمِ الْحِسَابِ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ، وَيَنْظُرُ مَا عَمِلَتْ يَمِينُهُ وَيُسْرَاهُ، فَتُخْرَجُ الْفَضَائِحُ وَتُبْلَى السَّرَائِرُ، وَيُفَاجَأُ كُلُّ عَامِلٍ بِمَا أَسَرَّ وَأَعْلَنَ ﴿ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ﴾ [الْقَمَر: 53]
وإذا خلوت بريبة في ظلمة   والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها:  إن الذي خلق الظلام يراني
عباد الرحمن: إنّ من أجل وأعظم ثمار المراقبة: المغفرةُ والثواب الكبير، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)[الملك:12].
فنسأل الله أن يعيننا على حقوقِه وطاعتِه، فإن من السبعةِ الذين يظلُّهم اللهُ في ظلِّه «رجلٌ دَعتْه امرأةٌ ذاتُ مَنصِبٍ وجمالٍ، فقال: إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمين» متفق عليه.
اللهم صل على محمد..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق