علامات الافتقار إلى الله تعالى (2)
الحمد لله شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم
الإيمان وزينه في قلوبهم فلم يجدوا حرجا في الاحتكام إلى شريعته، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه،
وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنّ لافتقار
العبد لربه علامات، وقد ذكرنا تسعة منها في خطبة سابقة، وهذه بقيتها،
فالعلامة العاشرة: خشية الله في السر
والعلانية:
وهي من أجلّ وأجلى صفات أهل الإيمان،
قال جل ذكره: "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله
وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون) وقال: (وبشر
المخبتين . الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم).
وخشيته سبحانه من أعظم آيات الافتقار
والفاقة إليه سبحانه، وحالُه: (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة
ويرجو رحمة ربه)، وقال سبحانه: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا) [السجدة: ١٦] فهو بين خوف ورجاء وحب لله تعالى.
وشرط الخشية الصادقة أن تكون بالغيب لأن
القلب لا يتعلق إلا بالله، ولا يلتفت إلى ما سواه، ويعلم أنه يعلم السر والنجوى،
قال تعالى: (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة
واجر كبير) وقال: (الذين يخشون ربهم بالغيب لوهم من الساعة مشفقون) وقال: (وأزلفت
الجنة للمتقين غير بعيد . هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ . من خشي الرحمن بالغيب
وجاء بقلب منيب) [ق: ٣١ -
٣٣] فربط
الخشية بالغيب تنبيه إلى شهود العبد مراقبة ربه جل وعلا، وأنه يخافه بالغيب
كما يخشاه في الشهادة، وليس ممن إذا خلا بمحارم الله انتهكها!
وقال ﷺ: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم
لا ظل إلا ظله.. » وذكر منهم: «ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه»([1]).
وكان علي بن الحسين رحمه الله ورضي
عن أبيه يُبَخَّلُ، فلما مات وجدوا أنه يعول أهلَ مئة بيت في المدينة، «ورجل
تصدّق، أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه». فعلموا أنه من أهل الصدقات
العظيمة في السرّ.
وفي حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم
الصخرة قال العفيف عن الفاحشة وقد تمكن منها: «فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من
خشيتك ففرّج عنّا»([2]) فالخشية سوط يذود به المؤمن قلبه عن مواطن الهلكة وأودية
الردى.
وقال عبيد الله بن جعفر: «ما
استعان عبد على دينه بمثل الخشية من الله»([3]).
الحادية عشرة: تعظيم الأمر والنهي:
فغاية العبودية: التسليم والانقياد
للآمر الناهي محبة وتذلّلًا، قال سبحانه: (ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) وقال: (ذلك ومن
يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) [الحج: ٣٢].
قال ابن القيم رحمه الله: «استقامة
القلب بشيئين:
أحدهما: أن تكون محبة الله تعالى تتقدم
عنده على جميع المحاب، فإذا تعارض حب تعالى الله وحب غيره سبق حب الله تعالى حب ما
سواه، فرتّب على ذلك مقتضاه.
وما أسهل هذا بالدعوى وما أصعبه بالفعل،
فعند الامتحان يكرم المرء أو يهان. وما أكثر ما يُقدّم العبد ما يحبه هو
ويهواه أو يحبه كبيره وأميره وشيخه وأهله على ما يحبه الله تعالى، فهذا لم تتقدم
محبة الله تعالى في قلبه جميع المحابّ، ولا كانت هي الملكة المؤمرة عليها.
وسنّةُ الله تعالى فيمن هذا شأنه أن
يُنكّد عليه محابّه([4])، وينغصها عليه، ولا ينال شيئًا منها إلا بنكد وتنغيص،
جزاء له على إيثار هواه وهوى من يعظمه من الخلق أو يحبه على محبة الله تعالى.
وقد قضى الله تعالى قضاء لا يرد ولا
يدفع أن من أحب شيئًا سواه عُذِّب به ولا بدّ، وأن من خاف غيره سلُّط عليه، وأن من
اشتغل بشيء غيره كان شؤمًا عليه، ومن آثر غيره عليه لم يبارك فيه، ومن أرضى غيره
بسخطه أسخطه عليه ولا بد.
الأمر الثاني: تعظيم الأمر والنهي، وهو
ناشئ عن تعظيم الآمر الناهي، فإن الله تعالى ذمّ من لا يُعظم أمره ونهيه، قال
سبحانه وتعالى: (ما لكم لا ترجون لله وقارا) [نوح: ١٣] قالوا في تفسيرها: ما لكم لا تخافون لله تعالى عظمة. وما
أحسن ما قال شيخ الاسلام في تعظيم الأمر والنهي: «هو أن لا يُعارَضا بترخّص جافٍ،
ولا يُعرّضا لتشديد غالٍ، ولا يُحملا على علّة تُوهن الانقياد».
فعلامة التعظيم للأوامر رعاية أوقاتها
وحدودها، والتفتيش على أركانها وواجباتها وكمالها، والحرص على تحيّنها في أوقاتها
والمسارعة إليها عند وجوبها، والحزن والكآبة والأسف عند فوت حق من حقوقها، كمن
يحزن على فوت الجماعة ويعلم أنه إن تُقُبّلت منه صلاته منفردًا فإنه قد فاته سبعة
وعشرون ضعفًا، ولو أن رجلًا يعاني البيع والشراء تفوته صفقة واحدة في بلده من غير
سفر ولا مشقة قيمتها سبعة وعشرون دينارًا لأكل يديه ندمًا وأسفًا؛ فكيف وكُلُّ ضعف
مما تضاعف به صلاة الجماعة خير من ألف وألف ألف وما شاء الله تعالى؟!
فإذا فوّت العبد عليه هذا الربح
قطعًا، وهو باردُ القلب، فارغٌ من هذه المصيبة، غيرُ مرتاع لها؛ فهذا من ضعف تعظيم
أمر الله تعالى في قلبه، وكذلك إذا فاته أول وقتها الذي هو رضوان الله تعالى، أو
فاته الصفّ الأول الذي يصلي الله وملائكته على ميامنه، ولو يعلم العبد فضيلته
لجالد عليه ولكانت قُرعةً، وكذلك فوّت الجمع الكثير الذي تضاعف الصلاة بكثرته
وقلته، فكلما كثر الجمع كان أحب إلى الله عز وجل، وكلما بعدت الخُطا كانت خطوة تحط
خطيئة وأخرى ترفع درجة، وكذلك فوّت الخشوع في الصلاة وحضور القلب فيها بين يدي الرب
تبارك وتعالى الذي هو روحها ولبّها، فصلاة بلا خشوع ولا حضور كبدن ميت لا روح فيه،
أفلا يستحي العبد أن يُهدي إلى مخلوق مثله عبدًا ميتًا أو جارية ميتة؟! فما
ظنُّ هذا العبد أن تقع تلك الهدية ممن قصده بها من ملك أو من أمير أو غيره؟!
فهكذا سواء الصلاة الخالية عن الخشوع والحضور وجمع الهمة على الله تعالى فيها
بمنزلة هذا العبد ـ أو الأمة ـ الميت الذي يريد إهداءه إلى بعض الملوك، ولهذا
لا يقبلها الله تعالى منه وإن أسقطت الفرض في أحكام الدنيا، ولا يثيبه عليها، فإنه
ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها كما في السنن ومسند الإمام أحمد وغيره عن
النبي ﷺ إنه قال: «إن العبد ليصلي الصلاة وما كتب له إلا نصفها إلا ثلثها
إلا ربعها إلا خمسها حتى بلغ عشرها»([5]).
وينبغي أن يعلم أن سائر الأعمال تجري
هذا المجرى، فتفاضل الأعمال عند الله تعالى بتفاضل ما في القلوب من الإيمان
والإخلاص والمحبة وتوابعها، وهذا العمل الكامل هو الذي يكفر السيئات تكفيرًا
كاملًا، والناقص بحسبه.
وأما علامات تعظيم المناهي: فالحرص على
التباعد من مظانّها وأسبابها وما يدعو إليها، ومجانبة كل وسيلة تقرب منها، كمن
يهرب من الأماكن التي فيها الصور التي تقع بها الفتنة خشية الافتتان بها، وأن يدع
ما لا بأس به حذرًا مما به بأس، وأن يجانب الفضول من المباحات خشية الوقوع في
المكروه، ومجانبة من يجاهر بارتكابها ويحسّنها ويدعو إليها ويتهاون بها ولا يبالي
ما ركب منها، فإن مخالطة مثل هذا داعية إلى سخط الله تعالى وغضبه، ولا يخالطه إلا
من سقط من قلبه تعظيم الله تعالى وحرماته.
ومن علامات تعظيم النهي: أن يغضبَ للهِ
عز وجل إذا انتُهكت محارمُه، وأن يجد في قلبه حزنًا وكسرة إذا عُصى اللهُ تعالى في
أرضه.
وحقيقة التعظيم للأمر والنهي أن لا
يُعارضا بترخّص جافٍ، ولا يعرّضا لتشديد غالٍ، فإن المقصود هو الصراط المستقيم
الموصل إلى الله عز وجل بسالكه.
وما أمر الله عز وجل بأمر إلا وللشيطان
فيه نزغتان: إما تقصير وتفريط، وإما افراط وغلو، فلا يبالي بما ظفر من
العبد من الخطيئتين، فإنه يأتي إلى قلب العبد، فإن وجد فيه فتورًا وتوانيًا
وترخيصًا؛ أخذه من هذه الخطة فثبّطه وأقعده وضربه بالكسل والتواني والفتور، وفتح
له باب التأويلات والرجاء وغير ذلك، حتى ربما ترك العبد المأمور جملة.
وإن وجد عنده حذرًا وجدًّا وتشميرًا
ونهضة وأيس أن يأخذه من هذا الباب؛ أمره بالاجتهاد الزائد، وسوّل له أن هذا لا
يكفيك، فيحمله على الغلوّ والمجاوزة وتعدي الصراط المستقيم، كما يحمل الأول على
التقصير دونه.
عباد الرحمن: إن الله سبحانه وتعالى خلق
هذا الآدمي واختاره من بين سائر البرية، وجعل قلبه محلّ كنوزه من الإيمان والتوحيد
والاخلاص والمحبة والحياء والتعظيم والمراقبة، وجعل ثوابه إذا قدم عليه أكمل
الثواب وأفضله، وهو النظر إلى وجهه والفوز برضوانه ومجاورته في جنته.
وكان مع ذلك قد ابتلاه بالشهوة والغضب
والغفلة، وابتلاه بعدوه إبليس لا يفتر عنه، فهو يدخل عليه من الأبواب التي هي من
نفسه وطبعه، فتميل نفسه معه لأنه يدخل عليها بما تحب.
فاقتضت رحمة ربه العزيز الرحيم به أن
أعانه بجند آخر، وأمدّه بمدد آخر يقاوم به هذا الجند الذي يريد هلاكه، فأرسل إليه
رسوله، وأنزل عليه كتابه، وأيده بملك كريم يقابل عدوه الشيطان، فإذا أمره الشيطان
بأمر أمره الملك بأمر ربه، وبيّن له ما في طاعة العدو من الهلاك. فهذا يلمّ به
مرّة، وهذا مرّة، والمنصورُ من نصره الله عز وجل، والمحفوظ من حفظه الله تعالى.
وجعل له مقابل نفسه الأمارة نفسًا
مطمئنة، إذا أمرته النفس الأمارة بالسوء نهته عنه النفس المطمئنة، وإذا نهته
الأمارة عن الخير أمرته به النفس المطمئنة، فهو يطيع هذه مرّة، وهذه مرّة، وهو
للغالب منهما، وربما انقهرت إحداهما بالكليّة قهرًا لا تقوم معه أبدًا.
فهو يطيع الناصح مرّة فيبن له رشده
ونصحه، ويمشي خلف دليل الهوى مرّة فيقطع عليه الطريق ويؤخذ ماله ويسلب ثيابه،
فيقول: تُرى من أين أُتيت؟!
فإن ضعفت النفس عن ملاحظة قصر الوقت
وسرعة انقضائه؛ فليتدبر قوله عز وجل: { كأنهم يوم يرون
ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة } وقوله عز وجل: { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا
عشية أو ضحاها } وقوله عز وجل: { قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا
يوما أو بعض يوم فاسأل العادين * قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون }
وقوله عز وجل: { يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا * يتخافتون بينهم إن
لبثتم إلا عشرا * نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما } [طه: ١٠٢ - ١٠٤].
وخطب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه
يومًا فلما كانت الشمس على رؤوس الجبال وذلك عند الغروب قال: «إنه لم يبق من
الدنيا فيما مضى إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه»([6]).
فليتأمل العاقل الناصح لنفسه هذا
الحديث، وليعلم أي شيء حصل له من هذا الوقت الذي قد بقي في الدنيا بأسرها؛ ليعلم
أنه في غرور وأضغاث أحلام، وأنه قد باع سعادة الأبد والنعيم المقيم بحظ خسيس لا
يساوي شيئًا، ولو طلب الله تعالى والدار الآخرة لأعطاه ذلك الحظ موفورًا وأكمل
منه.
الثانية عشرة من علامات الافتقار إلى
الله تعالى: أن يعمل على موافقة الله في الصبر والرضى والتوكل والإنابة.
«فهو عاملٌ على مراد الله منه، لا على
موافقة هواه، وهو تحصيل مراده من الله. فالفقيرُ خالصٌ بكليته لله سبحانه، ليس
لنفسه ولا لهواه في أحواله حظّ ونصيب، منشغل بالله عما سواه، وبأمره عن هواه،
وبحُسن اختياره له عن اختياره لنفسه، فهو في واد والناس في واد.
خاضع، متواضع، سليم القلب، سلس القياد
للحق، سريع القلب إلى ذكر الله، بريء من الدعاوى لا يدّعي بلسانه ولا بقلبه ولا
بحاله. زاهدٌ في كل ما سوى الله، راغب في كل ما يقرب إلى الله، قريب من الناس،
أبعدُ شيء منهم، يأنسُ بما يستوحشون منه، ويستوحش مما يأنسون به، متفرّد في طريق
طلبه، ولا يفرح بموجود، لا يأسف على مفقود.
من جالسه قرت عينه به، ومن رآه ذكّرته
رؤيتُه بالله سبحانه. قد حَمَل كَلَّهُ ومؤنته عن الناس، واحتمل أذاهم، وكفّ أذاه
عنهم، وبذل لهم نصيحته، وسبَّل لهم عِرضه ونفسه، لا لمعاوضة ولا لذلة وعجز. لا
يدخل فيما لا يعنيه، ولا يبخل بما لا ينقصه.
وصفُهُ الصدق والعفة والإيثار والتواضع
والحلم والوقار والاحتمال. لا يتوقّع لما يبذله للناس عوضًا منهم ولا مدحة. لا
يعاتِب ولا يخاصم ولا يطالب، ولا يرى له على أحد حقًّا، ولا يرى له على أحد فضلًا.
مقبلٌ على شأنه، مكرم لإخوانه، بخيل
بزمانه، حافظ للسانه، مسافر في ليله ونهاره ويقظته ومنامه، لا يضع عصا السير عن
عاتقه حتى يصل إلى مطلبه.
قد رُفع له عَلَمُ الحب فشمّر إليه، وناداه داعي الاشتياق
فأقبل بكليته عليه. أجاب منادي المحبة أجاب منادي المحبة إذ دعاه: حي على الفلاح،
ووصل السُّرى في بيداء الطلب، فحمد عند الوصول سُرَاه، وإنما يحمد القوم السُّرَى
عند الصباح.
فحيّ على جنّات عدن فإنها |
|
منازلُكَ الأولى وفيها المخيمُ |
إبراهيم الدميجي
16/ 4/ 1445
aldumaiji@gmail.com
([1]) البخاري (660) ومسلم (1031) وهو
بتمامه: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ
في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه
وتفرّقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدّق،
أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه».
والسياق للبخاري. وانقلبت جملة «حتى لا تعلم.. » عند مسلم، فوقعت هكذا: «حتى
لا تعلم يمينه ما تنفق شماله».
([4]) قال تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في
كبد) [البلد: 4]، فنعيم الدنيا منغص لأجل ألا يركن
إليها المؤمن. ومن عصى الله تعالى لأجل مخلوق نغّص الله تعالى عليه ذلك المخلوق
وأفسده عليه جزاءً وفاقًا. ومن أحب غير الله عُذب به.
([7]) هل تعلم أن في الجنة نعيم ليس من
جنس نعيم الدنيا، وليس في الدنيا له شبيه أو نظير أو حتى مثل يقارب المعنى، فالجنة
فيها فاكهة ونخل ورمان وأنهار وخمر ولبن وقصور وحور... إلخ. ولكنها حوت نعيمًا لا
يمكن تخيله ولا مقاربته ولو بالخيال فهو جنس ليس له مسمّى ولا شبيه في الدنيا
والدليل على ذلك قوله تعالى في الحديث القدسي: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا
عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر». قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: (فلا
تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين). البخاري (4779) وأعلى نعيم الجنة رؤية الله
تبارك وتعالى.