إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 2 يونيو 2022

كلُّ قضاء الله تعالى خير

 

كلُّ قضاء الله تعالى خير

 

الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا، ودبر عباده على ما تقتضيه حكمته وكان بهم لطيفا خبيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وكان على كل شيء قديرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة وبشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا، أما بعد؛ فاتقوا الله عباد الله، واستمسكوا بدينه، واعلموا أن أقضية الله تعالى كلها حكمة، وكلها خير من جهة الله تعالى، والله لا يخلق شرًّا محضًا (1)، أما من جهة العبد فكلها خير إلا ما كان معصيةً لله تعالى إلا إن أفضت في ثاني الحال لمصالح في دينه كالتوبة والإنابة والانكسار والاستغفار وكسر العجب وإكثار الحسنات الماحية ونحو ذلك، فالشر ليس إليه سبحانه، لأن الشر المطلق غير موجود في المخلوقات، فما من شر إلا فيه خير إما في ذاته أو بما يفضي إليه من حكم غائية خيرية، وأفعال الله كلها حكمة.

عباد الله؛ إن المعصية في ذاتها شرٌّ، ولكن قد يترتب على ارتكابها حسنات أكبر منها لمن تاب وأناب، وتأمل حال أبينا آدم عليه السلام فقد كان حاله بعد التوبة من الخطيئة أفضل من حاله قبل الخطيئة وذلك لأن حسنة التوبة وما بعدها قد رجحت على الخطيئة. وكما قال الحسن رحمه الله: "إن العبد ليعمل الحسنة فيدخل بها النار، وإن العبد ليعمل السيئة فيدخل بها الجنة؛ وذلك أنه يعمل الحسنة فتكون نصب عينه ويعجب بها، ويعمل السيئة فتكون نصب عينه فيستغفر الله ويتوب إليه منها". فالمعصية في ذاتها شرّ كلها، ورجس كلها إلا ما أفضت بصاحبها لأمور محمودة شرعًا، والمقصود أن الخير قد يلحق بها إن وفق الله مجترحها لتوبة نصوح، فهنا سرّ المسألة ومقصودها، وليس في هذا تزيين لها أو تسهيل أو تصغير.

عباد الرحمن؛ لقد استجرى الشيطان فئامًا من الناس فظنوا أن الإيمان بالقدر يستلزم الرضا بالمعاصي، وهذا ضلال مبين. فلا يجوز الرضا بما يُسخط الله تعالى وينهى عنه إلا من جهة ما يفضي به للعبد لأمور صالحة وأحوال فاضلة – إن كانت- كالتوبة وتوابعها، ومن جهة الشرع لأحكام عادلة أو مراحم إلهية. وقد سأل ابن القيم شيخه رحمهما الله تعال عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذى نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء الا كان خيرًا له، وليس ذلك إلا للمؤمن". (2) قال: "فسألت شيخنا -أي ابن تيمية رحمه الله- هل يدخل في ذلك قضاء الذنب؟ فقال: نعم بشرطه. فأجمَلَ في لفظة بشرطه ما يترتب على الذنب من الآثار المحبوبة لله من التوبة والانكسار والندم والخضوع والذل والبكاء وغير ذلك". (3)

وعلى ذلك؛ فقضاء الله لعبده كله خير من جهة الله تعالى، وكلها خير من جهة أقضيته الشرعية، وكله خير من جهة أقضيته الكونية القدرية إن أفضى بالعبد إلى خير، أما إن أفضى لشر؛ فشرّه من ذات العبد لا من جهة فعل ربه، لأنه الله تعالى إنما قطع عنه مدد توفيقه ووكله إلى نفسه الظالمة الجاهلة. والله تعالى محمودًا في كل أقضيته وأقداره، فهي من جهته تبارك وتعالى خير موافق لحِكمه سبحانه، والشر ليس إلى الله تعالى. أما من جهة العبد؛ فالعاقبة الحسنة هي ميزان الخيرية له. بيان ذلك: أن قضاء الله تعالى قسمين:

 الأول: قضاء شرعيّ أمْرِيّ، وهي الأوامر والنواهي التي جاءت بها الشريعة ونطق بها الوحي؛ فهذا خير كله، وأمره واضح.

الثاني: قضاء كونيّ قدريّ، وهي ما تسمى بالأقدار، حسنة كانت أو غير ذلك، فالعبرة في خيريتها ليست في ملذوذ النفوس ومستراح الأرواح منها، بل العبرة بحقيقتها في ذاتها -أوّلًا - من حيث أنها محبوبة لله تعالى، ومن أمثلتها: طاعات العبد لربه، فهي جارية على القدر وموافقة للشرع؛ فهذا خير محض، فهي نعمة في حقيقتها.

ثم العبرة -ثانيًا - بما أفضت إليه وآلت، فقد يبارك الله تعالى في النعمة فيثبتّها لعبده ويزيدها له ويتقبلها منه فتكون نعمة مفضية إلى نعمة أخرى؛ فهذا خير محض أيضًا. أما إن أفضت لعُجب أو كبر أو تعاظم أو تألٍّ على الله تعالى أو رؤية العمل أو الإزراء بالناس، أو لحقها محبط من محبطات الأعمال، أو كانت عاقبتها ومآلها مكروهة لله تعالى، فهذه ليست بخير غائيّ، أي ليست بخير من جهة غايتها وعاقبتها. هذا في جانب الأقضية المسمّاة بالنعم الدينية.

أما النعم الدنيوية: كالمال أو المنصب أو القوة في الجسد أو برِّ الولد به أو التوفيق لزوجٍ صالحٍ ومسكن واسع ومركب هنيءٍ ونحو ذلك؛ فهذه لا يحكم بخيريتها في ذاتها – وإن كانت نعمة من الله تستحق الشكر له ويستحق عليها الحمد – وإنما يحكم بخيرتها بحسب ما آلت إليه؛ فإن أفضت إلى شكر وأعانت على طاعة فهي خير، أما إن آلت لطغيان ومعصية وركون للدنيا ونسيان الآخرة واستغناءٍ عن المغني سبحانه؛ فهي ليست بخير في عاقبتها.

وكذلك الحال في مصائب الدين والدنيا، فإن أفضت مصيبة الدين – كعجز عن القيام بالعبادة كالصيام أو صلاة الجماعة أو تلاوة القرآن ونحو ذلك – إلى طاعة كزيادة في العبادة أو إحسان لما استطاع منها أو عوّض نقصها بذكر ودعاء وانكسار لله وافتقار وتعلق ونحو ذلك فهي خير، أما إن أفضت لجزع وتسخّط أو قنوط أو فتور عن الذكر والعبادة ونحو ذلك فهي ليست كذلك – من جهة العبد لا جهة الرب-.

وإن أفضت مصيبة الدنيا؛ كموت حبيب أو جائحة في المال أو مرض في البدن أو ظلم من الناس له ونحو ذلك؛ فإن أفضت لخير كصبر وتسليم وتفويض وتوكل ورضًا وشكر وحمد ومزيد عبادة وذكر وإنابة وتوبة فهي خير، والله تعالى يقول: { وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون }.

قَد يُنعِمُ اللهُ بِالبَلوَى وَإن عَظُمَتْ ... وَيَبتَلِى اللهُ بعضَ القَومِ بالنِّعَمِ

أما إن أفضت المصيبة لجزع وتسخّط وتلوّم وترك عبادة ونحو هذا من أمور يكرهها الله تعالى فهي ليست كذلك -كما سبق.

وبالجملة؛ فأمر المؤمن كله خير، لأن باستطاعته توجيه أموره كلها لأن تكون خيرًا له، وذلك بتوجيهها على ضوء الشرع ونور الوحي وطاعة الحي القيوم تبارك وتعالى والدوران بها مع أمر الله، فأمر الله كله خير.

واختيار الله تعالى لعبده خير من اختيار العبد لنفسه الظالمة الجاهلة. والنعمُ والمصائب كلاهما خير للمؤمن؛ فعن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سرّاءُ شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له". (4) وأكثر النعم مستورة بخِمَارِ جهلنا بها، حتى إذا فقدناها رأيناها، كما قال الكاساني رحمه الله: "النِّعَمُ مَجهُولة، فإذا فُقِدَتْ عُرِفَتْ".

بارك الله لي ولكم..

.............

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانه، أما بعد؛ فاتقوا الله عباد الله، وتوبوا إليه واستغفروه، واسألوه حسن الخاتمة، فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الأعمال بالخواتيم" (5).

عباد الرحمن؛ إن المؤمن إذا فعل سيئة فإن عقوبتها تندفع عنه بعد إذن الله تعالى بعشرة أسباب:

 أن يتوب فيتوب الله عليه، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. أو يستغفر فيغفر له، أو يعمل حسنات تمحوها، فإنّ الحسنات يذهبن السيئات. أو يدعو له إخوانه المؤمنون ويستغفرون له حيًّا وميتًا. أو يهدون له من ثواب أعمالهم ما ينفعه الله به، أو يشفع فيه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم (6). أو يبتليه الله تعالى في الدنيا بمصائب تكفر عنه، أو يبتليه في البرزخ بالضغطة فيكفر بها عنه. أو يبتليه في عرصات القيامة من أهوالها بما يكفر عنه. أو يرحمه أرحم الراحمين (7). فمن أخطأته هذه العشرة فلا يلومن إلا نفسه كما قال تعالى فيما يروي عنه رسوله صلى الله عليه وسلم: "يا عبادي؛ إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إيّاها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه" (8).

والمصيبة مكفرة للذنب رافعة للدرجة بإذن الله إن صبر المصاب، ولهذا جاء في الأثر: "المصاب من حرم الثواب" ولهذا لم يُؤمر بالحزن المنافي للرضا قط، مع أنه لا فائدة فيه، فقد يكون فيه مضرّة، لكنه عُفي عنه إذا لم يقترن به ما يكرهه الله.

وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًّا" (9). وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثلاثٌ من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان؛ أن يكون اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان يكره أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يُلقى في النار" (10). (11)

وبالجملة؛ فكلُّ قضاءِ اللهِ خيرٌ للمؤمن المُسَدَّد، فمن جهة أنه قضاء الله وفعله فهو خير، ومن جهة ما يترتب عليه ويفضي به إلى مراضي الله تعالى من الصبر والرضا والشكر والحمد عند البلاء والتوبة والإنابة من الذنوب ونحو ذلك فهو خير أيضًا، فكل قضاء الله خير. وبالله التوفيق.

اللهم صل على محمد..

..............

1.    ومن هنا بطلت نسبة الشر إليه سبحانه، فالشر ليس إليه، لأن الشر المطلق غير موجود في مخلوقاته، فما من شر إلا فيه خير إما في ذاته أو بما يفضي إليه من حكم غائية خيرية.

وقال شيخنا عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله تعالى: "الأشياء المخلوقة فيها خير وشر، والله خالق الخير والشر، أما فعل الرب سبحانه: حكمه وقضاؤه وتقديره؛ فكله خير، ليس فيه شر، والشر لا يضاف إلى الله اسمًا، ولا صفةً ولا فعلا، فالشر لا يكون في أسمائه فكلها حسنى، ولا في صفاته فكلها صفات كمال وحمد، ولا في أفعاله فكلها أفعال عدل وحكمة، وإنما يكون في مفعولاته، أي: مخلوقاته، وهذا ما فُسر به قول النبي صلى الله عليه وسلم: "والشرّ ليس إليك".

فالله تعالى لا يخلق شرًّا محضا؛ بل كل الشر الذي في المخلوقات شرّ نسبيّ ليس شرًّا محضًا، وهذا يرجع إلى الإيمان بحكمته سبحانه وتعالى، وأنه حكيم، ما خلق شيئًا عبثًا، لم يخلق شيئًا إلا لمصالحَ وحكمٍ يعلمها سبحانه، وليس من شرط ذلك أن تكون عائدة للعبد، بل قد يكون فيها شر لبعض الناس، وهو شر جزئي إضافي، فأما شر كلي، أو شر مطلق؛ فالله تعالى منزه عنه". شرح العقيدة الطحاوية (247)

فالمعصية في ذاتها شرّ كلها، ورجس كلها إلا ما أفضت بصاحبها لأمور محمودة شرعًا، والمقصود أن الخير قد يلحق بها إن وفق الله مجترحها لتوبة نصوح، فهنا سرّ المسألة ومقصودها، وليس في هذا تزيين لها أو تسهيل أو تصغير.

2.      مسلم 8/227 ( 2999 )

3.     الفوائد (1 / 94)

4.    مسلم 8/227 ( 2999 )

5.     البخاري (6493) و (6607) ومسلم (1/74 و 8/49)

6.    كذلك غيره صلى الله عليه وسلم من الشفعاء كالشهداء والأفراط والأصحاب والملائكة وغيرهم مما جاءت به السنة.   

7.                    كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وغيره في خبر الجهنّمين الطويل المخرج في الصحيحين، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "... حتى إذا خلص المؤمنون من النار؛ فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشدّ مناشدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار. وفي رواية: فما أنتم بأشد مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمنين يومئذ للجبار، إذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم -يقولون: ربنا؛ كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون! فيقال لهم: أَخرجوا من عرفتم. فتحرم صورهم على النار، فيُخرجون خلقًا كثيرًا قد أخذت النار إلى نصف ساقية وإلى ركبتيه، ثم يقولون: ربنا؛ ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به. فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه. فيُخرجون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربنا؛ لم نذر فيها أحدًا ممن أمرتنا. ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه. فيُخرجون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربنا؛ لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدًا. ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه. فيُخرجون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربنا؛ لم نذر فيها خيرًا". وكان أبو سعيد الخدري يقول إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرءوا إن شئتم: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما)، فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين. فيقبض قبضة من النار فيُخرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قط، قد عادوا حُمَمًا، -أي فحمًا من حرق النار لهم عياذًا بالله تعالى- فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحِبَّةُ في حميل السيل، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر، وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض؟" فقالوا: يا رسول الله، كأنك كنت ترعى بالبادية! قال: "فيخرجون كاللؤلؤ، في رقابهم الخواتم، يعرفهم أهل الجنة، هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدّموه، -أي بعد التوحيد والإيمان إعمالًا لبقية النصوص- ثم يقول: ادخلوا الجنة، فما رأيتموه فهو لكم. فيقولون: ربنا؛ أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من العالمين! فيقول: لكم عندي أفضل من هذا! فيقولون: يا ربنا؛ أي شيء أفضل من هذا؟ فيقول: رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبدا". رواه البخاري (7439) ومسلم (183) واللفظ له. نسأل الله الكريم من فضله العظيم، ونسأله رضوانه والجنة، (ورضوان من الله أكبر).

8.                    مسلم 8/17 ( 2577 ) ( 55 )

9.                    مسلم (60)

10.                    البخاري 1/10 ( 16 ) ومسلم 1/48 ( 43 ) ( 67 )

11.                    مجموع الفتاوى (10/ 42 - 48) باختصار.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق