إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 31 مايو 2022

(وبشر الصابرين)

 

(وبشر الصابرين)

 

الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان. أما بعد؛ فاتقوا الله عباد الله، واستمسكوا بدينه، واعلموا أن المؤمن صابر لربه في كل أحواله.

فطبع المؤمن الصبر، لأنه مستسلم للقضاء حلوه ومرّه، فلا جزع ولا اعتراض بل صبر وتسليم، فإن ضعف الصبر في صدرك فراجع مساقي الرضا في قلبك، والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. والإنسان ضعيف بطبعه، قليلُ الحيلة، واهنُ الصبر إلا من صبّره الله، فإن ساعد على ذلك لا مبالاة بعاقبة التساهل بكبح النفس الغضوب أو الشهوانية أو العابثة؛ أفضى به ذلك إلى التلف، أو كاد.

أي أُخيّ؛ اصبر وارض واحمد واشكر، وافعل الصواب ولو كنت لوحدك، واجتنب الباطل ولو رأيت عليه الأكابر. فالأُمّةُ هو من كان على الحقِّ ولو كان لوحده كما كان خليل الرحمن، وخذ الأمر بتفاؤل لا بقنوط، وبقوّة لا بلعب، وبجدٍّ لا بهزل، ولا تكن من (الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا) ولا تتعلق ولا ترجُ ولا تخف إلا الله جل جلاله. واعلم أن تكرار لا حول ولا قوة إلا بالله له الأثر النافع جدّا في قوة الروح والنفس والبدن والإيمان.

قد هيأوك لأمرٍ لو فطنتَ له  ... فاربَأ بنفسك أنْ ترعى مع الهَمَلِ

واعلم أن الناس يُجيعون ويُطعم الله، ويكيدون ويفرّج الله، ويَنسون ويذكُرُ الله، ويخذلون ويكفي الله، ويعادُون وينصر الله، إنه الله وكفى بالله وكيلًا. فلا تحنِ رأسك لغير خالقك، ولا تذلّ رقبتك لغير مولاك، فهو الكفاية والهدى والغنى والحفظ والنصر، والله تعالى لا يخلف ميعاده: (ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين . لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون).

وكُلُّ الحادِثاتِ وإنْ تَناهَتْ … فَمَقْرُونٌ بها الفَرَجُ القَرِيبُ

 ويا صاحبي: أَطِبْ معدنَك بالذكر والإيمان، وليكن قلبك ذاك الراضي بربه الشاكر لنعمه الصابر على ابتلائه المستغفر لذنبه. كن كذلك دومًا فلا ضَيْعَة لمن كان مع الله.

وتأمل حال يوسف عليه السلام، فقد بركت على كاهله خمسُ محنٍ شداد فاجتازهن عليه السلام بيقين وثبات وإحسان: الجُبُّ، والمراودة، والسجن، ونعيم السلطة، ولذّة الانتقام. لقد مرّت كلّ عواصفها الشديدة الهائلة بجبل إيمانه؛ فثبت ورسخ. فخلّد الله تعالى ثباته في سورته، فسورةُ يوسف هي سورة الثبات. والمؤمن مأمور بأخذ أسباب الثبات على دين الله تعالى، فيشدُّ ما وهى من أعمدة بنيانه، ويبنى ما انهدّ من متين جدرانه، ويحرس أرجاء بيضةِ دينه رأسِ ماله.

وقد يبتلي الله عبده ليرفَعه وليرحم به غيرَه في قابل أيّامه. فانظر كيف قدّر الله تعالى أن يُباع يوسف وتتوالى بلاءاته ليكون -بإذن الله ربه -سببًا في دفع مجاعةٍ عامّة مميتة، تتابعت سبعةُ أعوام في مصر وما حولها. وحقًّا: إذا أراد الله أمرًا هيّأ له أسبابه.

عباد الرحمن؛ القدر سرّ الله تعالى في خلقه، وأنّى لبشر أن يدرك ذلك، لأنه غيب كتبه وقدّره العليم الحكيم. فلولا أن الله تعالى قدّر على يوسف عليه السلام أن يُلقى في البئر؛ ما دخل بيت العزيز في مصر، ولولا أنه قدّر له أن يدخل السجن؛ ما قابل ساقي الملك، ولولا أنّه قدّر للملك أن يرى الرؤيا العجيبة ما انتهى يوسف عليه السلام لأعظم وزارات مصر فيكون هو عزيز مصر، ثم رحيل آله لمصر وسكناهم إياها. إنها القصة المذهلة التي ابتدأت بحُلْم وانتهت بتحقيقه بعد معاناة أربعين سنة، (1) فهي سورة الفرج بعد الشدة لمن أحسن بالله ظنًّا وسورة الثبات على دين الله عند أعتى الملمّات. فتأمل ما في تلك القصة العجيبة من أمور بدت لأول وهلةً مصيبة لكنها قد استبطنت فواتح الفرج ونعيم السرور.

ولمّا وصل الكربُ بيعقوب منتهاه؛ عَلِمَ أن الفرج قريب. وتأمّلْ حاله حينما فقد ابنه الثاني فابتهل إلى الله وشكا إليه حاله وأحسَنَ به الظن ثم قال: (يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله). فابتدأ بالأمل في رجوع يوسف الغائب منذ أربعين سنة حتى ذَكَرَهُ قبل أخيه الغائب منذ أيام. وتأمل كيف تنسّم روح الفرج فقال: (عسى الله أن يأتيني بهم جميعًا) ألا ما أجمل قلوبهم. لذلك: فالمصائب إذا توالت تولّت. وإذا أظلم ليل الابتلاء فقد اقترب فجر الفرج، فمن نار الألم يشرق الأمل، ومن ليل الهموم ينشق ضياء الفرح، فيا مثقًلا بأحزانه: أفِقْ فحزن الدنيا لا يستحق!

ثم تدبّر قوله الأعز الأجل في خبر كليمه وما دبّره الحكيم سبحانه بأقداره المترابطة المتتابعة: (ثم جئت على قدر يا موسى).

إذا اشتملتْ على اليأس القلوبُ ... وضاقَ لما بِهِ الصَّدرُ الرحيبُ

وأوطأتِ المكارهُ واطمأنّت ... وأرْسَتْ في أماكنها الخطوبُ

ولم تَرَ لانكشاف الضُّرِّ وجهًا ... ولا أغنى بحيلته الأريبُ

أتاكَ على قنوطٍ منك غوثٌ ... يَمُنُّ به اللطيفُ المستجيبُ

عباد الله؛ هذا ثابت البُناني رحمه الله تعالى قد احتاج لمجاهدةِ نفسه على قيام الليل عشرين سنة حتى وصل بها لشاطئ النفس المطمئنة، قال: "جاهدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة، ثم تلذذتُ به عشرين أخرى". فالطريق طويل لكنه مفضٍ برحمة الله إلى نعيمٍ في الدنيا ونعيمٍ في الآخرة، لذا فلا عجب أن ذكر الله الصبرَ في القرآن أكثر من تسعين مرة، فلا خير في الدنيا والأخرى إلا بصبر، وقال الحبيب صلوات الله وسلامه وبركاته عليه: "ومن يستعفف يعفّه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبّر يصبّره الله. وما أُعطي أحدٌ عطاء خيرًا وأوسع من الصبر".(2)

ولا يمنع جميلُ الصبر من إسبال عبراتِ الرحمة ونفثِ زفرات الوفاء، لكنه يعلم أنّ في الله خَلَفٌ عن كل مفقود، وأن الجنة ميعاد المحبين المؤمنين.

وَهَوَّنَ ما أَلقَى من الوَجدِ أنَّنِي ... أُسَاكِنُه في داره اليومَ أوغَدًا

فحينها تهشُّ نفسُه، ويهدأُ جأشُه، ويعظم رضاه وحمده وشكره، فنِعمَت السلوى جزاء الصابرين الراضين الحامدين الشاكرين، ولَنِعمَ العزاءُ الجنة، (جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب أنه كان وعده مأتيا. لا يسمعون فيها لغوا الا سلاما ولهم وزقهم فيها بكرة وعشيا. تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا).

أكرِمْ بجنّات النعيم وأهلِها ... إخوانُ صدقٍ أيّما إخوانِ

جيرانُ ربِّ العالمين وحزبُهُ ... أكرِمْ بهم في صفوةِ الجيرانِ

هم يسمعون كلامَهُ ويرونَهُ ... والمُقلتان إليه ناظرتانِ

 ولولا انتظار موعودِ رب العالمين بلقيا الأحباب في دار الكرامة؛ لتقطّعت نفوسُ المُحبين من حسرات الفراق!

عباد الرحمن؛ واهِمٌ مَنْ ظَنَّ أنّ الموت هو الفراق، فالفراق ليس هنا بل هناك: (ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون) قال قتادة: "فُرقة لا اجتماع بعدها". اللهم رضاك والجنة ولقيا الأحبة محمدًا وحزبه.

واعلم - يا عبد الله - أنّ الله تعالى لمّا بثّ الخلائق اختار لك هذا الزمان وهذا المكان ليكونا محل الابتلاء الإلهي لك، فكن خيرَ ذاكرِ صابر حامد شاكر تائب مستغفر. واعلم أنّ للمؤمن بحرٌ لا تكدره مصائب الزمان، إنه بحر الرضا بالله تعالى، فاغمِسْ كلَّ همّ لك في بحر الرضا بالله، حينها تنطفئ نيران المصيبة ببرد السلام. فليس مرادُهُ أن يُعذِّب، ولكن يَبتلي ليُهَذّب.

دعِ المقاديرَ تجري في أعَنّتِها  ...   ولا تبيتنّ إلا خالي البالِ

ما بين غمضةِ عينٍ وانتباهتها   ...  يغيّر الله من حالٍ إلى حالِ

 واعلم أنّ قدرَك إنْ لم تذهب إليه؛ جاء إليك. فكن لله، وبالله، ومع الله، وإلى الله؛ فهو الغاية وما سواه هباء، وهو الباقي وما سواه فناء، وهو الحقُّ وما سواهُ باطل، قال سبحانه: (وأن إلى ربك المنتهى) وقال: (وأن إلى ربك الرجعى) فمهما سلكتَ من دروب الحياة خيرًا أو شرًّا، سرورًا أو حزنًا، صحة أو سقمًا، شوقًا أو خوفًا؛ فإليه وحدهُ المنتهى. قال بعض الحكماء: "الدنيا بحر، والمركب التقوى، والآخرة الساحل".

واحمد الله تعالى واشكره كثيرًا على أن فضّلك على غيرك تفضيلًا بالعلم به والفرح به والأنس به في وقتٍ ترى فيه من يفرّ من الله حال شدته وكربته، فلا يفزع للصلاة والدعاء، بل لسفر أو لهو أو مسكر، أما أنت فاختصك بسفرك إليه بذكره ودعائه فهو مفزع الهاربين، ومأوى الشاردين، ومهوى المشمرين، وقبلة القاصدين، (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

ولا تقل ليس معي أحد إذا كان معك الأحد الفرد الصمد، ومن لذائذ النفوس الاكتفاء برب البرايا والنفوس. وأنفعُ طعام للقلب هو جرعةٌ من الاكتفاء بالله تعالى.

أصبرْ على مضضِ الإدلاجِ بالسَّحرِ ... وبالرَّواحِ على الحاجات والبُكَرِ

إنّي رأيتُ وفي الأيامِ تجربة ... للصبرِ عاقبةٌ محمودةُ الأثرِ

وقَلّ مَنْ جَدّ في أمرٍ يُطالبه ... واستصحب الصبرَ إلا فازَ بالظّفَرِ

قال الجنيد رحمه الله: "ما طلب أحدٌ شيئًا بجدّ وصدق إلا ناله، فإن لم ينله كلّه نال بعضه". وقيل للبخاري: بم أدركت العلم؟ فقال: "بالمصباحِ، والجلوسِ إلى الصباح". وعِندَ الصَّبَاحِ يَحمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى.

قال شيخ الإسلام: "الناس عند مقابلة الأذى ثلاثة أقسام: ظالمٌ يأخذ فوق حقّه، ومقتصدٌ يأخذ بقدر حقّه، ومحسنٌ يعفو ويترك حقّه". وصدق الفضل بن يحيى حينما قال: "الصبرُ على أخٍ تعتب عليه، خيرٌ من صديقٍ تستأنفُ مودّته". وفي قول تعالى في وصف أهل الإيمان: (وإذا ما غضبوا هم يغفرون) دليلٌ على أن الانتقام يقبحُ من الكرام. ورُبَّ عفوٍ أشدُّ من انتقامٍ. وقال النخعي في قول الله تعالى: (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون): "كانوا يكرهون أن يُستذلّوا، فإذا قدروا عفوا".

واجعل بينك وبين المحرمات حاجزًا مِنْ ترك المكروهات حِمىً لورعك وحفظًا لأمانتك، قال سهل بن عبد الله رحمه الله تعالى: "أعمالُ البِرِّ يُطيقها البرُّ والفاجرُ، ولكن لا يصبر عن المعاصي إلا صدِّيق". وقال الحجاج بن يوسف: "الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذابه". والقاعدة المضطردة التي لم ولن تنخرم: من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه. وتأمل عَقْرَ سليمان عليه السلام خيله غضبًا لله إذ ألهته عن صلاة العصر؛ فعوّضه الشكور الحميد عنها بالريح: (تجري بأمره رخاء حيث أصاب).

والراضي عن ربه ساخط للمعصية محتسب عليها، فكُن آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، فجمالُ العلم والعبادة الأمرُ بتقوى الله تعالى. وكن مبتدئًا بنفسك، مستنًّا بنبيك صلى الله عليه وسلم، وعليك بالعلم قبل الإنكار، وبالحلم والرفق أثناءه، وبالصبر بعده، فمن أنكرَ فإنه سيؤذَى في الله، فهي سبيل المرسلين وأتباعهم الصادقين، لهذا أمر بالله بالصبر في هذا الموطن: (وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) فكن –رعاك الله –من البقيّة السابقين البررة: (فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون ع الفساد في الأرض).

وقد كانوا إذا عُدُّوا قليلًا   ...  فقد صاروا أقلّ من القليلِ

وتزدادُ أهمية الدعوة إلى سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر العلم عند انتشار الفساد وتفشي الغفلات وغلبة المنكرات. وإنّ الناهي عن المنكر دافعه أمران: براءةُ ذمته، ورحمتُه بالناس، (قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون). قال العثيمين رحمه الله: "كلّما أضيعت السنّة؛ كان فعلها ونشرها بين الناس أوكد؛ لئلّا تُترك وتموت". وقال ابن القيم رحمه الله: "وأيُّ دينٍ وأيّ خيرٍ فيمن يرى محارمَ الله تُنتهك، وحدودُه تُضاع، ودينُه يُترك، وسنُّة رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرغب عنها، وهو باردُ القلب، ساكت اللسان، شيطان أخرس، كما أنّ المتكلم بالباطل شيطان ناطق. وهل بليّة الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم؛ فلا مبالاة بما جرى على الدين، وخيارُهم المتحزِّنُ المتلمِّظُ، ولو نُوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله؛ بَذَلَ وتبذّل، وجدّ واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسْب وسعه! وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بُلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون؛ وهي موت القلوب، فإنّ القلب كلّما كانت حياته أتمّ؛ كان غضبه لله ورسوله أقوى، وانتصاره للدين أكمل". (3) وقال ابن الجوزي رحمه الله: "يا من هو من عسكرِ الرسول، أيحسنُ بك كلَّ يوم هزيمة! فيا أقدام الصبر احملي، فقد بقي القليل". وسئل الحسن البصري رحمه الله تعالى: أين تجد الراحة؟ فقال: "في سجدة بعد غفلة، وتوبة بعد ذنب"، وصدق رحمه الله تعالى، فمن سَجَدَ وَجَدَ.

بارك الله لي ولكم..

.............

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانه، أما بعد؛ فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنّ جزاءَ الصبرِ الخالصِ الجنةُ الخالصةُ: (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) والعملُ للدين قرينُ الانتماء إليه. قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "ما أغبط أحدًا لم يصبه في هذا الأمر بلاء". (4)

فعليك – أخا الإيمان - بالصبر والمصابرة والمرابطة في ذات الله، فاصبر وتصبّر وصبِّر، واهتف لنفسك وإخوتك بقول ربكم: (واصبر وما صبرك إلا بالله) وقوله: (وبشر الصابرين) وتدبر سورة العصر، فالإسلام دين الصابرين. وأرِ اللهَ تعالى منك ما يُرضيه؛ حتى يعطيك ما يرضيك. فأيُّ دينٍ كهذا الكمال والجمال، وأيّ مستودعٍ للصبر والأمل كهذا سعة وعظمة وسموًّا.

 وليس كلّ صبرٍ مستحقٌّ للثواب، فالصبر على الطاعة وعن العصيان وعلى البلوى مفتقرٌ إلى إخلاصه لوجه الله تعالى، قال سبحانه: (والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم).

وخلِّ الهُويَنَى للضعيفِ ولا تكنْ ... نؤومًا فإِنّ الحُرَّ ليس بنائمِ

اللهم صل على محمد...

.....................

    1-     نقل ابن الجوزي في المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (١/‏٣١٩) عن سلمان رضي الله عنه قال: "كانَ بَيْنَ الرؤيا وتأويلها أربعون سَنَة". وعن الحسن: "ثمانون سنة".

2-       البخاري 2/151 ( 1469 ) ومسلم 3/102 ( 1053 ) ( 124)

3-        إعلام الموقعين (2 / 177) وقال ابن عقيل في الفنون: "مِن أعظم منافع الإسلام وآكد قواعد الأديان الأمر بالمعروف والنهي والتناصح؛ فهذا أشقّ ما يحمله المكلف؛ لأنه مقام الرسل، حيث يثقل صاحبه على الطّباع، وتنفر منه نفوس أهل اللّذّات، ويمقته أهل الخلاعة، وهو إحياء السنن وإماتة البدع". نقله السفاريني في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (١/‏٢١٣)

4-        كتاب المحن، لأبي العرب التميمي (283)

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق