هل الأفضل الدعاء برفع بلاء الدنيا، أم الرضا والتسليم؟
الحمد
لله ولي من اتقاه، من اعتمد عليه كفاه، ومن لاذ به وقاه. أحمده سبحانه وأشكره،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وحبيبه
وخليله ومصطفاه، صلى الله وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته واهتدى
بهداه أما بعد؛ فاتقوا الله عباد الله، واستمسكوا بدينه، واعلموا أن الدعاء هو العبادة، وأن من
سعادة ابن آدم إلحاحه على ربه بدعائه في خير دنياه وآخرته، وفي العون على ذكره
وشكره وحسن عبادته.
عباد
الرحمن: نحن في دار ابتلاء، وبما أن البلاء من الابتلاء، فهل الأفضل للمؤمن الدعاء برفع بلاء
الدنيا، أم الرضا والتسليم؟
الجواب:
أن على المؤمن أن يجمع بين الرضا والدعاء، فلا مانع من اجتماعهما على صفة الكمال،
ونِعْمَ خُلُق المؤمنِ الرضا، ونِعْمَ ملاذ المؤمنِ الدعاء.
وعليه؛
فيُتَصَوَّرُ امتلاء القلب بالرضا والتسليم واتساعه ببرد الحمد واليقين مع لهجه
برفع البلاء، فهذا شيء وذاك شيء، فليس الرضا بالبلاء ملازم لعدم الدعاء برفعه، ذلك
أن كلتيهما عبادة مستقلة منفردة عن الأخرى. ذلك أن بحر الرضا واسع جدًّا فتنغمس
فيه جميع أنواع وأفراد بلاءات الدنيا، فحين تصيب النازلة والرزيّة قلبًا هذا حاله
فإنها تنقلب بردًا وسلامًا على ذيّاك القلب المؤمن الراضي، بيد أنه ببصيرته وعلمه
يتلمّح ركن التعلّق الأعظم وهو الدعاء، فيدعو مَن أمره بالدعاء، ويوقن أن مَن أمَرَهُ
بالرضا بالقضاء هو من أمره بإلحاح الدعاء، وأنه ابتلاه لحِكَمٍ عظيمة لعل منها أن
يكسر صولة نفسه، ويسمع ضراعته ومسكنته، ويملأ قلبه وجوانحه بخالص عبادة الدعاء
والرجاء، وتلتذّ نفسُه الراضية المُسلِّمة بالانغماس المطمئن الساكن في جريان
المقدور، فيدعو المؤمن الراضي المُبتَلى ضارعًا ربه أن يختار له الخيرة حيثما
توجّهت، لعلمه أن الغيب سرّ مكتوم، وأن الخيرة معلقة بلطف الله وعلمه وحكمته
وتدبيره وكرمه ورحمته ورفقه وبرّه، فلا خير في العجلة، ولا عجلة في الخير.
فهو
يدعو بكل قلبه مُضمِّنًا توكّله – ومن أفراد توكله تفويض أزمّة الأمور وطلب خيرها
إليه سبحانه – وهذا عينُ تضمينِ الدعاءِ الملحّ بخير الأمر وحسن العاقبة، حينها
يملأ صدره بدفء وسكينة الرضا، وقلبه بيُمنِ وغنيمة الدعاء، فيحرس الذخيرتين، ويحوز
الغنيمتين، ويُحرز الفضيلتين، ويعود بالأجرين: الرضا والدعاء.
وبالجملة؛
فعلى المؤمن أن يدعو برفع البلية في دنياه مضمّنًا دعوته بقلبه – وإن شاء بلسانه
كذلك – تفويض الخيرة إليه، فيدعو ربه أن يكشف البلوى إن كان في ذلك خير لدينه، مع
تذكّر فضل البلاء بغير الدين من التكفير والأجر والذخر ونحو ذلك. وتشتدّ أهميّة
تفويض الخيرة برفع البلاء عند اشتباه الأمور أو استغلاق النفوس، فعند الشيخين (1)
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا
يتمنّينَّ أحدُكم الموتَ لضُرٍّ ينزل به، فإن كان لا بد متمنِّيًا فليقل: اللهم
أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي". وبهذا
تجتمع النصوص ولا تتعارض البتة، والحمد لله رب العالمين.
قال
ابن القيم رحمه الله: "والعاقل خصم نفسه، والجاهل خصم أقدار ربه، فاحذر كل
الحذر أن تسأله شيئًا مُعَيّنًا خيرته وعاقبته مغيّبة عنك، وإذا لم تجد من سؤاله
بدًّا فعلّقه على شرط علمه تعالى فيه الخِيْرة (2)، وقدّم بين يدي سؤالك
الاستخارة، ولا تكن استخارة باللسان بلا معرفة، بل استخارة من لا علم له
بمصالِحِه، ولا قدرة له عليها، ولا اهتداء له إلى تفاصيلها، ولا يملك لنفسه ضرًّا
ولا نفعًا، بل إن وُكِل إلى نفسه هلك كل الهلاك، وانفرط عليه أمره. وإذا أعطاك ما
أعطاك بلا سؤال: تسأله أن يجعله عونًا على طاعته، وبلاغًا إلى مرضاته، ولا يجعله
قاطعًا لك عنه، ولا مبعدًا عن مرضاته". (3)
والنبي
صلى الله عليه وسلم وهو سيد الراضين وإمام المسلّمين لأمر الله رب العالمين كان
يسأل الله العافية ويدعو بكشف البلية عن نفسه، كما قد علّم أمته ذلك، فمن
دعائه: "اللهم إني أسألك العافية". (4) وقال: "سَلُوا
اللَّهَ الْعَافِيَةَ". (5)
وقد
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يشفيه، ووصفت ذلك عائشة رضي الله عنها بقولها: "دعا
ودعا". (6) متفق عليه، وهذا الحديث قاطع في المسألة، فهو صريح في
إلحاحه صلى الله عليه وسلم على ربه في طلب شفائه، مع كونه إمام الراضين المُسلّمين
الحامدين ربهم قاطبة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
عباد
الله؛ لقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم عند عيادة المريض أن يقول: "اللَّهُمَّ
أَذْهِبْ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ فَأَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ
إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا". (7) وقال
لعُثمَانَ بن أَبي العَاصِ لما جاءه يشكو ألمًا يجده في بدنه فقَال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ
جَسَدِكَ، وَقُل: بِاسْمِ اللَّهِ، ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ
بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ". (8)
والدعاء
برفع البلاء جادّةُ المرسلين والأنبياء والصالحين، قال الله تعالى في شأن موسى
عليه السلام: (فخرج منها خائفًا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين)، وقال عن
داود عليه السلام: ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ
وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ )، وقال تعالى عن يونس
عليه السلام: ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ
عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ
إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ
الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ )، والمرأة الصالحة آسية جأرت لربها:
(ونجني من فرعون). فهذه جادة عباد الرحمن.
قال
الحافظ ابن حجر رحمه الله في كلامه على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُسْتَجَابُ
لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَل؛ يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي" (9):
"في هذا الحديث أدب من آداب الدعاء؛ وهو أنه يلازم الطلب، ولا ييأس من
الإجابة؛ لما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار، حتى قال بعض السلف:
"لأنا أشد خشية أن أُحرم الدعاء من أن أُحرم الإجابة".
والمقصود؛
أن الله تعالى قد أمرنا بدعائه والتضرع إليه لكشف الكروب: (أم من يجيب المضطر إذا
دعاه ويكشف السوء)، ودعاؤه عبادة، قال الله تعالى: ( وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ )، (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب)، والآيات في هذا المعنى
كثيرة جدًّا. وشاهد الكلام أن الله تعالى قد أمرنا بالدعاء وبالصبر والرضا، ووعد
المثوبة للصابرين فقال: ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ
حِسَابٍ ).
وبالجملة؛
فليس المُلِحُّ على ربه بكشف كربه بمعترض على قدَره ولا بناقض الرضا بتدبيره،
فالذي قضى هو من أمر بالدعاء، وهو من أمر باتخاذ الأسباب المشروعة، وهو من جعل
الدعاء سببًا موصلًا لمرضاته ولإعطاء عبده رغيبته طلبًا أو هربًا أو دفعًا أو
رفعًا أو جلبًا أو إعصامًا، فالأمر أمره، والخلق خلقه، والعبد عبده، والدين دينه،
(لا يسأل عما يفعل وهم يسألون).
فالدعاء
ثبات على طريق بلوغ المراد ضمن الأسباب المشروعة، والدعاء أحدها، بل من أعظمها
وأقواها، وهو سيما العبودية، وختم الإيمان. والدعاء شفاء، قال ابن القيم رحمه
الله: "من أنفع الأدوية: الإلحاح في الدعاء". (10)
وخير
لك أن تدعو بجوامع الدعاء، ومن ذلك: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي
الآخرة حسنة وقنا عذاب النار". (11) وقوله: "اللهم إني
أسألك من الخير كلّه عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشرّ
كلّه، عاجله وآجله، ما علمتُ منه وما لم أعلم. اللهم إني أسألك من خير ما سألك
عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شرّ ما عاذ به عبدك ونبيّك، اللهم إني أسألك الجنة وما
قرّب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرّب منها من قول أو عمل، وأسألك
أن تجعل كل قضاء قضيتَه لي خيرًا، اللهم إني أسألك من الخير كله، وأعوذ بك من الشر
كله". (12) وقوله: "اللهم إني أسألك العافية في الدنيا
والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر
عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن
فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي".(13) وقوله: "اللهم
إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة
الرجال". (14) وقال ابن القيم (15) رحمه الله تعالى في هذا الدعاء الجامع: "استعاذ
من ثمانية أشياء كل اثنين منها قرينان؛ فالهم والحزن قرينان، وهما من آلام الروح
ومعذباتها، والفرق بينهما أن الهم توقع الشر في المستقبل والحزن التألم على حصول
المكروه في الماضي أو فوات المحبوب، وكلاهما تألم وعذاب يرد على الروح، والعجز
والكسل قرينان، وهما من أسباب الألم لأنهما يستلزمان فوات المحبوب؛ فالعجز يستلزم
عدم القدرة، والكسل يستلزم عدم إرادته، فتتألم الروح لفواته بحسب تعلقها به
والتذاذها بإدراكه لو حصل. والجبن والبخل قرينان، لأنهما عدم النفع بالمال والبدن
وهما من أسباب الألم؛ لأن الجبان تفوته محبوبات ومفرحات وملذوذات عظيمة لا تنال إلا
بالبذل والشجاعة، والبخل يحول بينه دونها أيضًا، فهذان الخلقان من أعظم أسباب
الآلام. وضلع الدين وقهر الرجال قرينان، وهما مؤلمان للنفس معذبان لها، أحدهما قهر
بحق وهو ضلع الدين، والثاني قهر بباطل وهو غلبة الرجال، وأيضًا فضلع الدين قهر
بسبب من العبد في الغالب، وغلبة الرجال قهر بغير اختياره".
وعن
أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن الله
تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمتُه
فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي، كلكم عارٍ إلا من كسوتُه فاستكسُوني أكسُكُم". (16)
قال الحافظ ابن رجب: "الله يحب أن يسأله العباد جميع مصالح دينهم ودنياهم من
الطعام والشراب والكسوة وغير ذلك كما يسألونه الهداية والمغفرة، وفي الحديث: "ليسأل
أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله إذا انقطع" (17).
بارك
الله لي ولكم...
...........
الخطبة
الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على
توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدُه
ورسولُه الداعي إلى رضوانه، أما بعد؛ فاتقوا الله عباد الله، واعلموا
أن الدعاء بحد ذاته هو عبادة شريفة من أجلّ العبادات، وهذا ملحظ عظيم فالداعي لكشف
الكرب عليه أن يحرك قلبه بتنبيهه لشأن عبادةِ الدعاء مع رجاء كشف
الضراء، فعلى المرء أن يتذكّر أن دعاءه عبادة بذاتها، فليذكّر قلبه بذلك عند
رفع يديه ضراعةً لخالقه لطلب رغيبته وكشف ضرّه، قال العلامة السعدي رحمه الله
تعالى: "وينبغي لمن دعا ربه في حصول مطلوب أو دفع مهروب، ألا يقتصر في قصده ونيته في حصول مطلوبه الذي دعا لأجله، بل يقصد بدعائه التقرب إلى الله بالدعاء وعبادته التي هي أعلى الغايات، فيكون على يقين من نفع دعائه، وأن الدعاء مخ العبادة
وخلاصتها، فإنه يجذب القلب إلى الله، وتلجئه حالته للخضوع والتضرع لله الذي هو المقصود
الأعظم في العبادة.
ومن
كان قصده في دعائه التقرب إلى الله بالدعاء وحصول مطلوبه فهو أكمل بكثير ممن لا
يقصد إلا حصول مطلوبه فقط كحال أكثر الناس، فإن هذا نقص وحرمان لهذا الفضل العظيم،
وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون. وهذا من ثمرات العلم النافع، فإن الجهل منعَ
الخلق الكثير من مقاصد جليلة ووسائل جميلة، لو عرفوها لقصدوها، ولو شعروا بها
لتوسلوا إليها، والله الموفق". (18)
وأصعبُ الجرحِ جرحُ الروحِ أحسَبُهُ ... وأهونُ
الجرحِ سَيَّالٌ ببعضِ دمِ
وأعظمُ الصبرِ صبرُ المرءِ يتبعُه ... حمدٌ
وشكرٌ وتسليمٌ لذي الكرمِ
وسائلُ الناسِ متروكٌ لخيبتِهِ ... وسائلُ الله
لم يُحرَم من النِّعَمِ
اللهم
صل على محمد..
.......................................
1. البخاري
(5671)، ومسلم (2680)
2. الخيرة:
بسكون الياء من الخير، وهي المقصودة هنا، أما بفتح الياء فهي من الخيار، ومنه قوله
تعالى: (ما كان لهم الخيرة).
3. مدارج
السالكين (١/ ١٦٩)
4. مسلم
(2712)
5. البخاري
(7237) ومسلم (1742)
6. البخاري
(3268) واللفظ له، ومسلم (2189)
7. الترمذي
(3565) وصححه الألباني.
8. مسلم
(2202)
9. البخاري
(6340) ومسلم (2735)
17. فتح
الباري (11/
141) باختصار.
10. الجواب
الكافي (25)
11. البخاري
(6389) واللفظ له، ومسلم (2690) عن أنس قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه
وسلم: "اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب
النار".
12. ابن
ماجه (3846) عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علّمها هذا الدعاء. ورواه
ابن حبان (869)، والحاكم (1 / 512- 522) وصححه الألباني.
13. أبو
داود (5074) وأحمد (2/25) (4785) وصححه الألباني.
14. البخاري
(4/28 ، 8/98) ومسلم (8/75)
15. بدائع الفوائد (2 / 433)
16. مسلم
( 2577 )
17. الترمذي
(3682) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4949)
33. الفتاوى
السعدية (١٥)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق